أخبار إيرانأهم الاخباراهم المقالاتمقالات واراء

إضراب سائقي الشاحنات في إيران يهز أركان النظام

26 مايو/أيار 2025 – شهد شهرمايو/أيار في إيران واحداً من أوسع الإضرابات المهنية في السنوات الأخيرة، حيث أوقف سائقو الشاحنات ومركبات النقل الثقيل عمليات التحميل وأغلقوا طرقاً حيوية، معلنين احتجاجهم مدوياً ضد الأوضاع الاقتصادية والمهنية المتردية. هذا الإضراب، الذي انطلق شرارته من بندر عباس، سرعان ما امتد كالنار في الهشيم ليشمل أكثر من 100 مدينة في مختلف محافظات البلاد، حاملاً مطالب أساسية تتمثل في مواجهة الارتفاع الجنوني لتكاليف التأمين، وتخفيض حصص وقود الديزل، وتدني أجور نقل البضائع، بالإضافة إلى تفشي الفساد وانعدام الأمن الوظيفي.

التحام الغضب المهني بالرفض الشعبي العام

يأتي إضراب سائقي الشاحنات، بالتزامن مع انتفاضات واحتجاجات فئوية أخرى، كعلامة فارقة على الحالة الانفجارية التي يعيشها المجتمع الإيراني، وتجلٍ واضح للاعتراض الشعبي ضد الهيكل المعطوب لحكم خامنئي. وفيما حاول النظام الحاكم جاهداً، عبر أدوات الترهيب والترغيب، وأد هذا الحراك الاحتجاجي في مهده، أثبت استمرار الإضراب واتساعه أن المطالب المهنية، خاصة في ظل انهيار اقتصادي شامل، تتحول بسرعة إلى مقاومة سياسية منظمة.

إن إضراب سائقي الشاحنات هو صرخة ضد ظروف قاسية طالما عصفت بالطبقة الكادحة والمنتجة في المجتمع. السائقون المحتجون، بإيقافهم لعمليات التحميل في الموانئ والطرق الرئيسية، يطالبون بإصلاحات جذرية في قطاعات التأمين، وحصص الوقود، وأجور النقل، والأمن الوظيفي. ولكن ما يتجاوز هذه المطالب المحددة ويجعل هذا الإضراب حدثاً محورياً، هو التحامه بالاستياء الشعبي العام وتجاوزه الإطار المهني الضيق ليصبح فعلاً اجتماعياً وسياسياً شاملاً.

وحدة وتضامن يكسران قيود القمع

النقطة اللافتة في الإضراب الحالي هي فشل السياسات التقليدية للنظام في تحييد الاحتجاجات. فوعد تقديم 500 لتر من الوقود المجاني لمن يكسرون الإضراب، أو إرسال رسائل تهديد من قبل قوات الأمن، لم تكن مجدية، بل على العكس، فاقمت من الغضب العام. وفي بعض المناطق، قام السائقون بإغلاق الطرق لمنع تسلل عملاء النظام لكسر الإضراب. هذه الوحدة والتضامن، الممتدة من الموانئ الجنوبية إلى الطرق الشمالية، وجهت رسالة واضحة للحكم: المجتمع لم يعد يطيق هذا النظام.

وقد أشادت السيدة مريم رجوي، رئيسة الجمهورية المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، في رسالة لها بسائقي الشاحنات، مؤكدة أن إضرابهم هو صرخة ضد الظلم المُمأسس في نظام خامنئي. وأبرزت السيدة رجوي الصلة بين جذور الفقر والتمييز والفساد واستمرار حكم الملالي، مقدمة الحل في “الانتفاضة والمقاومة لإرساء الديمقراطية وسيادة الشعب”.

منبع مشترك لانتفاضات الفئات المختلفة

في إيران الرازحة تحت حكم الفاشية الدينية، حيث لا توجد أي آلية ديمقراطية لسماع صوت الشعب، يتحول كل إضراب أو احتجاج، لا محالة، إلى جزء من المشروع الشعبي العام لمواجهة النظام. وقد تحدث سائقو الشاحنات في بياناتهم غير الرسمية عن “الوحدة” و”المطالبة بالحقوق”، مؤكدين أن “الشاحنات صامتة، لكن أصوات السائقين أعلى من أي وقت مضى”.

وعلاوة على ذلك، يجب تحليل هذا الإضراب في سياق أوسع للاحتجاجات العمالية، واحتجاجات المعلمين، والمتقاعدين، والمزارعين، وغيرهم من الفئات المستاءة. كل هذه التحركات، رغم اختلاف مطالبها المهنية، تشترك في منبع واحد: رفض النظام الحاكم. ورد فعل الحكم يُظهر أيضاً أن النظام يواجه أزمة شرعية أكثر من كونه يواجه مطالب معيشية.

وحدات الانتفاضة: محفز للثورة والعصيان

في خضم هذه التطورات، يبرز دور وحدات الانتفاضة والمجموعات المقاومة. فهذه الوحدات، من خلال تنظيم عمليات رمزية ونارية، تهيئ المناخ لاستمرار الاحتجاج وتشكل نموذجاً جديداً للمقاومة الحضرية. إنها لا تتحدى أدوات القمع فحسب، بل تلعب دوراً خاصاً في خلق شعور بالتمكين والأمل بين الناس.

يشير تحليل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الراهنة إلى أن المجتمع الإيراني يقف على شفا انفجار اجتماعي. فمجموع الأزمات، مثل الانهيار الاقتصادي، والفساد المؤسسي، والقمع السياسي، والتمييز الممنهج، قد حولت إيران إلى برميل بارود من الغضب. في هذه الظروف، يمكن لأي أزمة صغيرة أن تتحول إلى شرارة لانفجار شامل.

في ظل هذا الهيكل، فإن الولي الفقيه خامنئي، الجالس على رأس هرم السلطة، لا يفتقر فقط إلى القدرة على إدارة أو احتواء الأزمات، بل إنه بسياساته يزيد من حدتها يوماً بعد يوم. هذا العجز الهيكلي يدفع المجتمع نحو تراكم الغضب الانفجاري، وهو الغضب الذي توجهه وحدات الانتفاضة بعملياتها الميدانية نحو مسار الانتفاضة. مثل هذا الوضع يعبر عن لحظة يمتزج فيها الاحتجاج المهني بالمقاومة السياسية لترسم خارطة طريق التغيير الهيكلي.

إن ما يجعل إضراب سائقي الشاحنات وغيرهم من الفئات المحتجة يتجاوز كونه مجرد حراك مهني، هو ارتباطه بأفق نضالي أكبر لا يهدف إلى إصلاحات داخلية واهية، بل إلى تغيير شامل وكامل للنظام. الشاحنات الصامتة، وأصوات الشعب المرتفعة، هي إنذار أخير لنظام يقترب أكثر فأكثر من نقطة السقوط، غارقاً في جبل من الأزمات التي صنعها بنفسه.

https://youtube.com/watch?v=Yc75vjNFVy0%3Ffeature%3Doembed%26enablejsapi%3D1
https://youtube.com/watch?v=ErMt8ho3wAY%3Ffeature%3Doembed%26enablejsapi%3D1
https://youtube.com/watch?v=9X99Bo6IKCg%3Ffeature%3Doembed%26enablejsapi%3D1
https://youtube.com/watch?v=YRmL2-sPYio%3Ffeature%3Doembed%26enablejsapi%3D1
https://youtube.com/watch?v=pECKYA-HPsU%3Ffeature%3Doembed%26enablejsapi%3D1
https://youtube.com/watch?v=bBr8Nu73Y9g%3Ffeature%3Doembed

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

انت تستخدم حاجب الاعلانات

يرجي غلق حاجب الاعلانات للاستمرار فى تصفح الجريدة